بسم الله الرحمن الرحيم
اولا انا هأبداء الموضوع ده عشان يكون في المنتدي
اولا انا هأبداء الموضوع ده عشان يكون في المنتدي
حاجه خاصه بالاسماعيلي وان شاء الله هتكون متجدده باستمرار
اولا هأبدا بتاريخ الاسماعيلي
عند الحديث عن تاريخ النادي الإسماعيلي لا ينبغي لنا أن نغفل عن ذكر المدينة التي ينتمي إليها والتي ارتبط تاريخه بتاريخها وكفاحه بكفاحها وأخيراً وليس أخراً أسمه باسمها لذا وجب علينا في البداية إلقاء الضوء علي تاريخ مدينة الإسماعيلية أولاً : -
كانت نقطة التحول في تاريخ تلك المنطقة عندما عرض المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس فكرة شق قناة تربط بين البحر المتوسط والبحر الاحمر وذلك لتسهيل حركة المرور والتجارة العالمية بين الشرق والغرب وبالفعل استطاع ديليسبس الحصول علي موافقة الخديوي سعيد علي أقامه هذا المشروع الضخم بالإضافة إلى امتيازات هائلة لصالح الشركة التي كان يعمل بها ديليسبس وما استتبع هذه الموافقة وهذه الامتيازات من التحول الهائل في تاريخ تلك المنطقة لتتحول من صحراء جرداء إلي تجمعات حضارية كبيرة ثم إلي مدن ذات طباع خاصة كان لوجودها أكبر الأثر في تاريخ مصر الحديث بعد ذلك . لم يكن ليخطر علي بال سكان قرية التمساح أن تتحول قريتهم الصغيرة في يوم من الأيام إلي مدينة كبيرة يؤمها القاصدون من كل مكان للإقامة بها والاستمتاع بجوها وهو ما حدث بعد ذلك بالتدريج .
مع تولي الخديوي إسماعيل حكم مصر عام كانت له من الآمال والتطلعات مع ما يتناسب ومكانة مصر التاريخية والحضارية علي مستوي العالم وكان الخديوي في ذلك الوقت متأثراً بالطابع الأوربي الغربي بصفة عامة والفرنسي بصفة خاصة لذا فقد حاول بكل قوة في أن يجعل من مصر مركزاً حضارياً أوربياً في قلب القارة الأفريقية وبالفعل بدأت معالم التحديث والحضارة هذه في الظهور في القاهرة ومدن مصر المختلفة وذلك من خلال المشروعات والأعمال العظيمة التي تم إنشائها مثل الكباري والجسور علي نهر النيل وشق الترع لتوصيل مياه النيل إلي مناطق مختلفة من أرض مصر بالإضافة إلي فتح المدارس والمصالح والدواوين الحكومية والمكتبات وغيرها من المشروعات .
وتجسدت اللمحة الحضارية والثقافية في إنشاء دار الأوبرا ودار الكتب وكوبري قصر النيل بأسديه الشهيرين وغيرها من المعالم الحضارية ولكن ونظراً لان العشوائية كانت قد حطت بجذورها في قلب القاهرة فقد بات مشروع الخديوي إسماعيل مهدداً بالفشل فكان لابد من تغير مساره إلي منطقة أخري حتى تتضح معالمه الأساسية .
من هنا كانت المنطقة الجديدة والتي يجري بها العمل في شق قناة السويس هي البيئة المناسبة لتنفيذ آمال وتطلعات الخديوي فقام بإطلاق اسمه علي المنطقة الواقعة في منتصف المسافة بين بورسعيد والسويس فسميت بالإسماعيلية ومن ثم بدأ في التخطيط الشامل لتلك المنطقة لتكون كما لو كانت باريس عاصمة النور فشق طرقها علي النمط الأوربي وجلب لها النباتات والأشجار من كل مكان علي وجه الأرض وأقام فيها العديد من المنازل والفيلات علي الطراز المعماري الفرنسي غير أن الوقت لم يسعفه لتنفيذ مشروعه الحضاري كاملاً.
وقد بدأت مشاهد الحياة الحضارية علي هذه الأرض في العصر الحديث مع الاحتفال الأسطوري الذي أقامه الخديوي إسماعيل لافتتاح قناة السويس أمام الملاحة العالمية عام 1869م والذي حضره العديد من ملوك ورؤساء دول العالم في ذلك الوقت وعلي رأسهم الملكة أوجيني زوجة الإمبراطور نابليون الثالث إمبراطور فرنسا وقد كان هذا الاحتفال من العلامات المضيئة في تاريخ تلك المنطقة .
في البداية كان أهل قرية التمساح هم كل سكان مدينة الإسماعيلية الجديدة وبدأ يوماً بعد أخر يلحق بهم العديد من سكان القرى المجاورة ويستقر عندهم الكثير من الغرباء الذين جاءت بهم السخرة والسلطة من بيوتهم وحقولهم وعائلاتهم ليشاركوا في حفر قناة السويس . كانت الحالة الإنسانية لهولاء البشر في منتهى القسوة والعذاب والمشقة والألم حيث يتم تجميعهم كما لو كانوا قطعان من الحيوانات لا كبشر لهم حق الحياة وينتهي بهم المطاف في الإسماعيلية فيموت منهم من يموت ويبقي منهم من يبقي وأما من بقي منهم علي قيد الحياةفكان أمامه خيارين أما العودة من حيث أتي أو البقاء لينضم إلى أهل قرية التمساح ليكتبوا الصفحة الأولى في كتاب تاريخ الإسماعيلية . وهنا يجب التوقف عند هذه النقطة طويلاً حيث تشرح هذه النقطة طبيعة أهل الإسماعيلية من انهم بدأوا حياتهم كفقراء مسالمين لا يضمرون شراً لأحد ولا يريدون لأحد أي أذى ولكن هي السلطة في القاهرة التي اقتلعتهم من بيوتهم وألقت بهم حفاة جائعين في الصحراء ومن ثم كان هذا أول درس تعلموه ألا يثقوا في السلطة والايحبوا القاهرة ظروف كان من الممكن أن تتبدل وتتغير بمرور أيام وسنوات كثيرة وطويلة ولكن حتى بعد التغيير والتبديل وبعد هذه الأيام والسنوات بقي هذا الدرس وهذا الاقتناع تحت جلد أبناء الإسماعيلية يتوارثونه جيلاً بعد جيل ليس فقط الخوف من السلطة وكراهية القاهرة وإنما هذا الترابط العميق بينهم والذي أكده دمهم الذي سال فوق رمال أرضها والموت الذي كان يحاصرهم طوال الوقت والذي أنساهم انهم جاءوا من مختلف القرى والمدن في شمال مصر وجنوبها بطولها وعرضها.
إلى هنا وكان من الممكن أن تنتهي الحكاية حكاية مدينة ولدت بقرار خديوي وكبرت بغرباء ومهاجرين فقراء جاءوا إليها من كل مكان وعاشت بفضل مشاعر جمعت ووحدت بين كل هولاء الغرباء ولكن كان للحكاية بقية وفصول أخرى حيث الإنجليز قد جاءوا إلي مصر بأحذيتهم الثقيلة ووجوههم الباردة وأسلحتهم المخيفة ولكنتهم الغريبة وكرة القدم أيضاً ومنهم تعلم المصريين هذه اللعبة التي لم تكن تشبه الألعاب التي يعرفونها . لعبة لم يحبها المصريون في البداية ولكنهم أصروا علي ممارستها ليس حباً فيها ولكن رغبة في إتقانها ليلعبوها أمام الإنجليز لعلهم ينتصرون عليهم فيها يوماً في الميدان الوحيد الذي سيصبح فيه إعلان الحرب علي الإنجليز ممكناً . وتشهد أوراق التاريخ أن القاهرة ومعها الإسماعيلية وبورسعيد هم أول مدن مصرية تلعب كرة القدم وتحارب الإنجليز بنفس السلاح ولم يكن من الطبيعي أن تبقي هذه المدن هي فقط من تلعب كرة القدم وإنما بدأت باقي مدن مصر في لعب الكرة ولكن ليس بنفس الهدف وليس بنفس المعني أي ليس بهدف استمرار الحرب علي الإنجليز وأنما لان الكرة أصبحت لعبة ورياضة يمكن ممارستها دون إنجليز ودون حرب علي العكس من المدن الثلاث السابق ذكرها مع وجود اختلاف يكاد يكون ملحوظ في تناول ممارسة الكرة بين المدن الثلاث . ففي القاهرة كان الإنجليز مجرد أقلية من الممكن الآ تشعر بهم وسط زحامها وبالتالي فقد كان الاحتكاك بينهم وبين الناس في القاهرة يكاد يكون محدود في وسط هذه الأجواء علي العكس مما كان موجوداً علي أرض الواقع في الإسماعيلية فلم تكن الإسماعيلية فقط أهم القواعد العسكرية الإنجليزية علي مستوي الشرق الأوسط كله ولكن أيضا ومنذ عام 1870 كانت المركز الرئيسي لشركة قناة السويس فكانت النتيجة أن القاعدة العسكرية ملأت المدينة بالضباط والجنود والمعسكرات بما فيها من ملاعب لكرة القدم ومركز شركة قناة السويس ملأ المدينة بالعائلات الأجنبية . عدد هائل من الغرباء وسط مدينة مصرية صغيرة عرف أهلها العذاب والخوف منذ أن عرفت مدينتهم الحياة وإذا كان هناك وجه للشبه بين نشأة الإسماعيلية ونشأة بورسعيد في نفس الظروف ألا أن هناك خلاف أساسي وجوهري بين المدينتين . فبور سعيد بعد سنوات قليلة من نشأتها قد تحولت إلي ميناء كبير بينما بقيت الإسماعيلية مدينة صغيرة تقع علي ضفاف بحيرة التمساح وتدريجياً اكتسبت بورسعيد صفات موانئ العالم فهدأت الحدة قليلاً وأصبح التعامل مع الجميع ممكناً وتغيرت العادات والتقاليد يوماً بعد آخر واختلطت الجذور المصرية بكل من جاءوا إلي بورسعيد من أقاصي الدنيا . أما الإسماعيلية المصرية فبقيت تطل بعيون مذعورة ومرتبكة علي الإسماعيلية الأخرى التي يملكها الخواجات . ونتيجة لهذا الحصار بقي الوجدان الإسماعيلي محتفظاً بكل جذوره وتراثه بدون أي تعديلات أو تغيرات كبري وحين بدأت المدن المصرية اللعب بإحساس الحرب كان الفارق أن الإسماعيلية بدأت اللعب بشكل أكثر توتراً وحماساً من بور سعيد فالبورسعيديون لعبوا الكرة أمام الإنجليز الذين يبيعون ويشترون منهم أيضاً أما أهل الإسماعيلية فلعبوا الكرة أمام الإنجليز الذين يكرهونهم و يحاربونهم في الوقت ذاته .
ومن اللعب في معسكرات الإنجليز إلي اللعب في الشوارع والحواري وبدأت الإسماعيلية تتعلم كيف تحب وكيف تلعب كرة القدم وجاء أطفال صغار لم يعرفوا حكايات وعذابات حفر قناة السويس ودموع أجدادهم ولكن عرفوا الإنجليز وعرفوا كرة القدم وورثوا ذلك الإحساس الغامض تحت جلودهم بالخوف من السلطة وكراهية القاهرة التي أصبحت تجسيداً للاثنين السلطة والإنجليز ولما زاد عدد هؤلاء بدا التفكير في إنشاء ناد وملعب يمارس فيه هؤلاء لعبتهم المفضلة وبالفعل وفي عام1920م تأسس هذا النادي كأول نادي مصري في تاريخ الإسماعيلية تأسس باسم نادي النهضة وبأموال أهل الإسماعيلية القليلة بدا بناء هذا النادي وتم إشهار النادي عام 1924 ثم انضم إلي الاتحاد المصري لكرة القدم بعد هذا التاريخ بعامين المثير في الأمر أن أهل الإسماعيلية وهم يؤسسون هذا النادي ويشهدون ميلاده لم يهتموا بشكل بناء أو جمال ديكور بل كان همهم الوحيد هو ملعب كرة القدم .
بدا نادي النهضة يلعب الكرة في الإسماعيلية وباسم كل الإسماعيلية حتى انه لم يعد من اللائق أن يصبح اسمه نادي النهضة لأنه في حقيقة الأمر لم يكن هناك فارق بين النادي أو المدينة صحيح أن هناك نادياً آخر في المدينة هو نادي شركة قناة السويس ألا انه كان في عيون الإسماعيلية نادي للأجانب والخواجات أما الإسماعيلي فكان نادي تصفية الحسابات مع الجميع مع التاريخ وأيامه ودموعه ومع السلطة وقسوتها ومظالمها ومع القاهرة وأهلها الذين لم يتعذبوا ولم يعانوا مثلما تعذب وعاني أهل الإسماعيلية وبالتدريج تحولت كرة القدم إلى اختصار للحكاية كلها وأصبحت كل مباراة جزء من تصفية هذا الحساب الطويل والمعقد وأصبح هناك ذلك الشعور الذي يؤكد علي انه لا فرق بين الكرة والسياسة ..بين الكرة والكرامة ..بين الكرة والحرب ..بين الكرة والإحساس بالزهو والانتماء ألي مدينتك وبيتك وتاريخك وعائلتك .
عند الحديث عن تاريخ النادي الإسماعيلي لا ينبغي لنا أن نغفل عن ذكر المدينة التي ينتمي إليها والتي ارتبط تاريخه بتاريخها وكفاحه بكفاحها وأخيراً وليس أخراً أسمه باسمها لذا وجب علينا في البداية إلقاء الضوء علي تاريخ مدينة الإسماعيلية أولاً : -
كانت نقطة التحول في تاريخ تلك المنطقة عندما عرض المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس فكرة شق قناة تربط بين البحر المتوسط والبحر الاحمر وذلك لتسهيل حركة المرور والتجارة العالمية بين الشرق والغرب وبالفعل استطاع ديليسبس الحصول علي موافقة الخديوي سعيد علي أقامه هذا المشروع الضخم بالإضافة إلى امتيازات هائلة لصالح الشركة التي كان يعمل بها ديليسبس وما استتبع هذه الموافقة وهذه الامتيازات من التحول الهائل في تاريخ تلك المنطقة لتتحول من صحراء جرداء إلي تجمعات حضارية كبيرة ثم إلي مدن ذات طباع خاصة كان لوجودها أكبر الأثر في تاريخ مصر الحديث بعد ذلك . لم يكن ليخطر علي بال سكان قرية التمساح أن تتحول قريتهم الصغيرة في يوم من الأيام إلي مدينة كبيرة يؤمها القاصدون من كل مكان للإقامة بها والاستمتاع بجوها وهو ما حدث بعد ذلك بالتدريج .
مع تولي الخديوي إسماعيل حكم مصر عام كانت له من الآمال والتطلعات مع ما يتناسب ومكانة مصر التاريخية والحضارية علي مستوي العالم وكان الخديوي في ذلك الوقت متأثراً بالطابع الأوربي الغربي بصفة عامة والفرنسي بصفة خاصة لذا فقد حاول بكل قوة في أن يجعل من مصر مركزاً حضارياً أوربياً في قلب القارة الأفريقية وبالفعل بدأت معالم التحديث والحضارة هذه في الظهور في القاهرة ومدن مصر المختلفة وذلك من خلال المشروعات والأعمال العظيمة التي تم إنشائها مثل الكباري والجسور علي نهر النيل وشق الترع لتوصيل مياه النيل إلي مناطق مختلفة من أرض مصر بالإضافة إلي فتح المدارس والمصالح والدواوين الحكومية والمكتبات وغيرها من المشروعات .
وتجسدت اللمحة الحضارية والثقافية في إنشاء دار الأوبرا ودار الكتب وكوبري قصر النيل بأسديه الشهيرين وغيرها من المعالم الحضارية ولكن ونظراً لان العشوائية كانت قد حطت بجذورها في قلب القاهرة فقد بات مشروع الخديوي إسماعيل مهدداً بالفشل فكان لابد من تغير مساره إلي منطقة أخري حتى تتضح معالمه الأساسية .
من هنا كانت المنطقة الجديدة والتي يجري بها العمل في شق قناة السويس هي البيئة المناسبة لتنفيذ آمال وتطلعات الخديوي فقام بإطلاق اسمه علي المنطقة الواقعة في منتصف المسافة بين بورسعيد والسويس فسميت بالإسماعيلية ومن ثم بدأ في التخطيط الشامل لتلك المنطقة لتكون كما لو كانت باريس عاصمة النور فشق طرقها علي النمط الأوربي وجلب لها النباتات والأشجار من كل مكان علي وجه الأرض وأقام فيها العديد من المنازل والفيلات علي الطراز المعماري الفرنسي غير أن الوقت لم يسعفه لتنفيذ مشروعه الحضاري كاملاً.
وقد بدأت مشاهد الحياة الحضارية علي هذه الأرض في العصر الحديث مع الاحتفال الأسطوري الذي أقامه الخديوي إسماعيل لافتتاح قناة السويس أمام الملاحة العالمية عام 1869م والذي حضره العديد من ملوك ورؤساء دول العالم في ذلك الوقت وعلي رأسهم الملكة أوجيني زوجة الإمبراطور نابليون الثالث إمبراطور فرنسا وقد كان هذا الاحتفال من العلامات المضيئة في تاريخ تلك المنطقة .
في البداية كان أهل قرية التمساح هم كل سكان مدينة الإسماعيلية الجديدة وبدأ يوماً بعد أخر يلحق بهم العديد من سكان القرى المجاورة ويستقر عندهم الكثير من الغرباء الذين جاءت بهم السخرة والسلطة من بيوتهم وحقولهم وعائلاتهم ليشاركوا في حفر قناة السويس . كانت الحالة الإنسانية لهولاء البشر في منتهى القسوة والعذاب والمشقة والألم حيث يتم تجميعهم كما لو كانوا قطعان من الحيوانات لا كبشر لهم حق الحياة وينتهي بهم المطاف في الإسماعيلية فيموت منهم من يموت ويبقي منهم من يبقي وأما من بقي منهم علي قيد الحياةفكان أمامه خيارين أما العودة من حيث أتي أو البقاء لينضم إلى أهل قرية التمساح ليكتبوا الصفحة الأولى في كتاب تاريخ الإسماعيلية . وهنا يجب التوقف عند هذه النقطة طويلاً حيث تشرح هذه النقطة طبيعة أهل الإسماعيلية من انهم بدأوا حياتهم كفقراء مسالمين لا يضمرون شراً لأحد ولا يريدون لأحد أي أذى ولكن هي السلطة في القاهرة التي اقتلعتهم من بيوتهم وألقت بهم حفاة جائعين في الصحراء ومن ثم كان هذا أول درس تعلموه ألا يثقوا في السلطة والايحبوا القاهرة ظروف كان من الممكن أن تتبدل وتتغير بمرور أيام وسنوات كثيرة وطويلة ولكن حتى بعد التغيير والتبديل وبعد هذه الأيام والسنوات بقي هذا الدرس وهذا الاقتناع تحت جلد أبناء الإسماعيلية يتوارثونه جيلاً بعد جيل ليس فقط الخوف من السلطة وكراهية القاهرة وإنما هذا الترابط العميق بينهم والذي أكده دمهم الذي سال فوق رمال أرضها والموت الذي كان يحاصرهم طوال الوقت والذي أنساهم انهم جاءوا من مختلف القرى والمدن في شمال مصر وجنوبها بطولها وعرضها.
إلى هنا وكان من الممكن أن تنتهي الحكاية حكاية مدينة ولدت بقرار خديوي وكبرت بغرباء ومهاجرين فقراء جاءوا إليها من كل مكان وعاشت بفضل مشاعر جمعت ووحدت بين كل هولاء الغرباء ولكن كان للحكاية بقية وفصول أخرى حيث الإنجليز قد جاءوا إلي مصر بأحذيتهم الثقيلة ووجوههم الباردة وأسلحتهم المخيفة ولكنتهم الغريبة وكرة القدم أيضاً ومنهم تعلم المصريين هذه اللعبة التي لم تكن تشبه الألعاب التي يعرفونها . لعبة لم يحبها المصريون في البداية ولكنهم أصروا علي ممارستها ليس حباً فيها ولكن رغبة في إتقانها ليلعبوها أمام الإنجليز لعلهم ينتصرون عليهم فيها يوماً في الميدان الوحيد الذي سيصبح فيه إعلان الحرب علي الإنجليز ممكناً . وتشهد أوراق التاريخ أن القاهرة ومعها الإسماعيلية وبورسعيد هم أول مدن مصرية تلعب كرة القدم وتحارب الإنجليز بنفس السلاح ولم يكن من الطبيعي أن تبقي هذه المدن هي فقط من تلعب كرة القدم وإنما بدأت باقي مدن مصر في لعب الكرة ولكن ليس بنفس الهدف وليس بنفس المعني أي ليس بهدف استمرار الحرب علي الإنجليز وأنما لان الكرة أصبحت لعبة ورياضة يمكن ممارستها دون إنجليز ودون حرب علي العكس من المدن الثلاث السابق ذكرها مع وجود اختلاف يكاد يكون ملحوظ في تناول ممارسة الكرة بين المدن الثلاث . ففي القاهرة كان الإنجليز مجرد أقلية من الممكن الآ تشعر بهم وسط زحامها وبالتالي فقد كان الاحتكاك بينهم وبين الناس في القاهرة يكاد يكون محدود في وسط هذه الأجواء علي العكس مما كان موجوداً علي أرض الواقع في الإسماعيلية فلم تكن الإسماعيلية فقط أهم القواعد العسكرية الإنجليزية علي مستوي الشرق الأوسط كله ولكن أيضا ومنذ عام 1870 كانت المركز الرئيسي لشركة قناة السويس فكانت النتيجة أن القاعدة العسكرية ملأت المدينة بالضباط والجنود والمعسكرات بما فيها من ملاعب لكرة القدم ومركز شركة قناة السويس ملأ المدينة بالعائلات الأجنبية . عدد هائل من الغرباء وسط مدينة مصرية صغيرة عرف أهلها العذاب والخوف منذ أن عرفت مدينتهم الحياة وإذا كان هناك وجه للشبه بين نشأة الإسماعيلية ونشأة بورسعيد في نفس الظروف ألا أن هناك خلاف أساسي وجوهري بين المدينتين . فبور سعيد بعد سنوات قليلة من نشأتها قد تحولت إلي ميناء كبير بينما بقيت الإسماعيلية مدينة صغيرة تقع علي ضفاف بحيرة التمساح وتدريجياً اكتسبت بورسعيد صفات موانئ العالم فهدأت الحدة قليلاً وأصبح التعامل مع الجميع ممكناً وتغيرت العادات والتقاليد يوماً بعد آخر واختلطت الجذور المصرية بكل من جاءوا إلي بورسعيد من أقاصي الدنيا . أما الإسماعيلية المصرية فبقيت تطل بعيون مذعورة ومرتبكة علي الإسماعيلية الأخرى التي يملكها الخواجات . ونتيجة لهذا الحصار بقي الوجدان الإسماعيلي محتفظاً بكل جذوره وتراثه بدون أي تعديلات أو تغيرات كبري وحين بدأت المدن المصرية اللعب بإحساس الحرب كان الفارق أن الإسماعيلية بدأت اللعب بشكل أكثر توتراً وحماساً من بور سعيد فالبورسعيديون لعبوا الكرة أمام الإنجليز الذين يبيعون ويشترون منهم أيضاً أما أهل الإسماعيلية فلعبوا الكرة أمام الإنجليز الذين يكرهونهم و يحاربونهم في الوقت ذاته .
ومن اللعب في معسكرات الإنجليز إلي اللعب في الشوارع والحواري وبدأت الإسماعيلية تتعلم كيف تحب وكيف تلعب كرة القدم وجاء أطفال صغار لم يعرفوا حكايات وعذابات حفر قناة السويس ودموع أجدادهم ولكن عرفوا الإنجليز وعرفوا كرة القدم وورثوا ذلك الإحساس الغامض تحت جلودهم بالخوف من السلطة وكراهية القاهرة التي أصبحت تجسيداً للاثنين السلطة والإنجليز ولما زاد عدد هؤلاء بدا التفكير في إنشاء ناد وملعب يمارس فيه هؤلاء لعبتهم المفضلة وبالفعل وفي عام1920م تأسس هذا النادي كأول نادي مصري في تاريخ الإسماعيلية تأسس باسم نادي النهضة وبأموال أهل الإسماعيلية القليلة بدا بناء هذا النادي وتم إشهار النادي عام 1924 ثم انضم إلي الاتحاد المصري لكرة القدم بعد هذا التاريخ بعامين المثير في الأمر أن أهل الإسماعيلية وهم يؤسسون هذا النادي ويشهدون ميلاده لم يهتموا بشكل بناء أو جمال ديكور بل كان همهم الوحيد هو ملعب كرة القدم .
بدا نادي النهضة يلعب الكرة في الإسماعيلية وباسم كل الإسماعيلية حتى انه لم يعد من اللائق أن يصبح اسمه نادي النهضة لأنه في حقيقة الأمر لم يكن هناك فارق بين النادي أو المدينة صحيح أن هناك نادياً آخر في المدينة هو نادي شركة قناة السويس ألا انه كان في عيون الإسماعيلية نادي للأجانب والخواجات أما الإسماعيلي فكان نادي تصفية الحسابات مع الجميع مع التاريخ وأيامه ودموعه ومع السلطة وقسوتها ومظالمها ومع القاهرة وأهلها الذين لم يتعذبوا ولم يعانوا مثلما تعذب وعاني أهل الإسماعيلية وبالتدريج تحولت كرة القدم إلى اختصار للحكاية كلها وأصبحت كل مباراة جزء من تصفية هذا الحساب الطويل والمعقد وأصبح هناك ذلك الشعور الذي يؤكد علي انه لا فرق بين الكرة والسياسة ..بين الكرة والكرامة ..بين الكرة والحرب ..بين الكرة والإحساس بالزهو والانتماء ألي مدينتك وبيتك وتاريخك وعائلتك .