ليلة الرعب في باريس
هل تتخيل عزيزي القاريء ان باريس ، مدينة الحب و الجمال ، مدينة الثقافة و الفنون ، قد شهدت عبر تاريخها الطويل عددا كبيرا من المذابح و المجازر البشعة و ان شوارعها الجميلة كثيرا ما تخضبت بلون الدم ، و ربما اغلب الناس يعلمون بما جرى من مذابح وحشية عند قيام الثورة الفرنسية و كيف ان المقصلة حصدت الاف الرؤوس لرجال و نساء و حتى اطفال و لكن القليل من الناس سمعوا عن ما جرى من جرائم يندى لها جبين الانسانية في ليلة 24 اب (اغسطس) عام 1572 ، انها ليلة وحشية حولت الناس الى وحوش بشرية لا تعرف الرحمة.
ملاحظة : للأمانة و لكي لا يفهم بأي شكل من الاشكال بأن في هذه المقالة مساسا بالديانة المسيحية فأن للمذبحة ابعاد سياسية و اجتماعية حددها المؤرخون في كتبهم و لا يتحمل الدين وحده ذنب كل ما جرى في تلك الليلة المشؤومة و لمن يريد معرفة المزيد عن المذبحة فاليكتب (St. Bartholomew's Day massacre) في اي محرك بحث كما ان جميع الديانات عرفت حروب طائفية و مذابح لا تقل بشاعة عن هذه المذبحة و التي يقودها دوما الرعاع و الاوباش و هؤلاء لا دين له
اوربا القرن السادس عشر كانت غارقة في الحروب الدينية بين طائفتي الكاثوليك و البروتستانت و قد استمرت هذه الحروب لسنوات طويلة و ازهقت الاف الارواح ، في عام 1570 وقع قادة الكاثوليك و الهوغونوت (اسم البروتستانت في فرنسا) على معاهدة سلام انهت الحرب المستمرة بينهم لسنوات طويلة و من اجل تقوية و تثبيت هذا السلام تقرر تزويج مارغريت شقيقة ملك فرنسا الكاثوليكي شارلز التاسع الى هنري الثالث ملك نافارا البروتستانتي ، هذا الزواج الذي سيكون الشرارة التي ستحرق الاف الارواح البريئة.
في عام 1572 بدأت التحضيرات للزواج الملكي في باريس ذات الغالبية الكاثوليكية و بدأ الالاف من الهوغونوت يتدفقون على المدينة للمشاركة في هذه المناسبة و على رأسهم قادتهم و اغنيائهم و الشخصيات المتنفذة في الطائفة و رغم ان الاجواء كانت مفرحة و بهيجة في الظاهر الا ان نار الحقد و الكراهية كانت تتقد في قلوب الناس من الطائفتين و خاصة كاثوليك باريس الذين اغضبهم رؤية شوارع مدينتهم تغص بهذا العدد الكبير من اعدائهم الهوغونوت ، لقد كانت القلوب مشحونة و على وشك الانفجار و لم تكن بحاجة سوى لشرارة بسيطة لتشتعل الفتنة بين الطرفين ، و كانت هذه الشرارة هي محاولة الاغتيال الفاشلة للادميرال غاسبرد دي كوليكني ، احد اشهر قادة الهوغونوت و اكثرهم نفوذا ، و رغم ان الطلقة التي اطلقت من نافذة ما لم تقتل كوليكني الا انها اصابته بجروح ارقدته في الفراش ، في الحقيقة لا يعرف حتى يومنا هذا من كان وراء محاولة الاغتيال فالمؤرخون يطرحون عدة اسماء ربما يكون اكثرها ترجيحا هو كاثرين دي مديسي والدة الملك و الحاكمة الفعلية لفرنسا انذاك و التي كانت تعتقد هي و اتباعها ان هذا الحضور الكثيف للهوغونوت في المدينة هو للقيام بأنقلاب ، اثارت محاولة الاغتيال غضب و سخط الهوغونوت و قد تعالت اصوات عدد منهم في البلاط للمطالبة بأن تأخذ العدالة مجراها و يعاقب منفذي محاولة الاغتيال كما ان شقيق الادميرال كوليكني حضر و عسكر مع اربعة الاف جندي بالقرب من باريس و هو مما زاد من مخاوف الكاثوليك من ان الهوغونت يحضرون لعمل ما من اجل الانتقام.
في مساء يوم 23 اب (اغسطس) ذهبت كاثرين لرؤية ابنها الملك و قد تناقش الاثنان حول الاوضاع المتأزمة في المدينة و في تلك الليلة اتخذ القرار بتصفية قادة الهوغونوت الذين كان اغلبهم ضيوفا على الملك في قصر اللوفر ، فرغم انتهاء مراسم العرس الملكي الا ان الكثير من قادة الهوغونوت لم يغادروا باريس و ذلك لغرض مناقشة بعض الامور حول معاهدة السلام مع الحكومة الفرنسية و يقال ان الملك صرخ في تلك الليلة قائلا "طيب ، اقتلوهم .. لكن اقتلوهم جميعا ! لا تبقوا على شخص واحد منهم على قيد الحياة لكي يلومني" .
ليلة الرعب
في اليوم التالي بدأ التحضير للمجزرة ، تم محاصرة المدينة من جميع الجهات و اغلقت جميع ابوابها ، تم توزيع السلاح على الاهالي من اجل ضمان القضاء على اي محاولة للمقاومة ، و اخذ فوج حماية الملك السويسري على عاتقه مهمة تصفية قادة و شخصيات الهوغونت المتنفذين ، اصبح كل شيء مهيئا للمجزرة و كانت العلامة بين الكاثوليك هي وشاح ابيض يعقد على الذراع اليسرى لكي يعرفوا بعضهم في الظلام و صار الجميع بأنتظار ساعة الصفر للقيام بأحدى ابشع المجازر التي عرفها التاريخ.
المؤرخون يختلفون حول التوقيت الدقيق لبدء المجزرة و لكن اكثر الاراء ترجيحا هي ان اشارة البدء كانت قرع اجراس القصر في ساعة ما بين منتصف اليل و طلوع الفجر لليلة 24 اب (اغسطس) عام 1572 ، كان فوج حماية الملك قد قام بقتل الادميرال كوليكني حيث سحب من فراشه و قتل و القيت جثته من النافذة حيث تلقفتها جموع الناس و قطعوها اربا و ارسل رأسه الى البابا في روما و هوجم بقية قادة الهوغونوت الضيوف في قصر اللوفر و تم قتلهم في الشوارع.
في هذه الاثناء كانت حالة من الهيستريا الجماعية المجنونة بدأت تجتاح المدينة ، بدأ الناس يقفلون اطراف الشوارع بالسلاسل الحديدية لكي لا يهرب الهوغونت ثم تمت مهاجمة منازلهم و محالهم ، قاموا بقتل الرجال و اغتصاب النساء و قتلهن ، لم يرحموا حتى الاطفال و قطعوهم اربا اربا ، امتلئت شوارع باريس بالجثث و فاضت الانهر بأشلاء القتلى حتى ان المؤرخين يذكرون ان الناس امتنعت عن اكل السمك لأشهر لأن احشائها كانت مليئة ببقايا الجثث البشرية.
و رغم ان البلاط امر في اليوم التالي اي يوم 25 اب (اغسطس) بوقف المجزرة الا ان رعاع باريس و اوباشها لم يتوقفوا عن قتل و ذبح الهوغونوت و استمرت المذبحة لأيام و اسابيع اخرى و امتدت لتشمل العديد من المدن الفرنسية الاخرى ، يقول المؤرخون انه في فترة الرعب تلك سقط بين 20000 و 100000 قتيل في واحدة من ابشع المجازر الدموية في التاريخ و التي ترفض الكنيسة الكاثوليكية الاعتذار عنها حتى اليوم
هل تتخيل عزيزي القاريء ان باريس ، مدينة الحب و الجمال ، مدينة الثقافة و الفنون ، قد شهدت عبر تاريخها الطويل عددا كبيرا من المذابح و المجازر البشعة و ان شوارعها الجميلة كثيرا ما تخضبت بلون الدم ، و ربما اغلب الناس يعلمون بما جرى من مذابح وحشية عند قيام الثورة الفرنسية و كيف ان المقصلة حصدت الاف الرؤوس لرجال و نساء و حتى اطفال و لكن القليل من الناس سمعوا عن ما جرى من جرائم يندى لها جبين الانسانية في ليلة 24 اب (اغسطس) عام 1572 ، انها ليلة وحشية حولت الناس الى وحوش بشرية لا تعرف الرحمة.
ملاحظة : للأمانة و لكي لا يفهم بأي شكل من الاشكال بأن في هذه المقالة مساسا بالديانة المسيحية فأن للمذبحة ابعاد سياسية و اجتماعية حددها المؤرخون في كتبهم و لا يتحمل الدين وحده ذنب كل ما جرى في تلك الليلة المشؤومة و لمن يريد معرفة المزيد عن المذبحة فاليكتب (St. Bartholomew's Day massacre) في اي محرك بحث كما ان جميع الديانات عرفت حروب طائفية و مذابح لا تقل بشاعة عن هذه المذبحة و التي يقودها دوما الرعاع و الاوباش و هؤلاء لا دين له
اوربا القرن السادس عشر كانت غارقة في الحروب الدينية بين طائفتي الكاثوليك و البروتستانت و قد استمرت هذه الحروب لسنوات طويلة و ازهقت الاف الارواح ، في عام 1570 وقع قادة الكاثوليك و الهوغونوت (اسم البروتستانت في فرنسا) على معاهدة سلام انهت الحرب المستمرة بينهم لسنوات طويلة و من اجل تقوية و تثبيت هذا السلام تقرر تزويج مارغريت شقيقة ملك فرنسا الكاثوليكي شارلز التاسع الى هنري الثالث ملك نافارا البروتستانتي ، هذا الزواج الذي سيكون الشرارة التي ستحرق الاف الارواح البريئة.
في عام 1572 بدأت التحضيرات للزواج الملكي في باريس ذات الغالبية الكاثوليكية و بدأ الالاف من الهوغونوت يتدفقون على المدينة للمشاركة في هذه المناسبة و على رأسهم قادتهم و اغنيائهم و الشخصيات المتنفذة في الطائفة و رغم ان الاجواء كانت مفرحة و بهيجة في الظاهر الا ان نار الحقد و الكراهية كانت تتقد في قلوب الناس من الطائفتين و خاصة كاثوليك باريس الذين اغضبهم رؤية شوارع مدينتهم تغص بهذا العدد الكبير من اعدائهم الهوغونوت ، لقد كانت القلوب مشحونة و على وشك الانفجار و لم تكن بحاجة سوى لشرارة بسيطة لتشتعل الفتنة بين الطرفين ، و كانت هذه الشرارة هي محاولة الاغتيال الفاشلة للادميرال غاسبرد دي كوليكني ، احد اشهر قادة الهوغونوت و اكثرهم نفوذا ، و رغم ان الطلقة التي اطلقت من نافذة ما لم تقتل كوليكني الا انها اصابته بجروح ارقدته في الفراش ، في الحقيقة لا يعرف حتى يومنا هذا من كان وراء محاولة الاغتيال فالمؤرخون يطرحون عدة اسماء ربما يكون اكثرها ترجيحا هو كاثرين دي مديسي والدة الملك و الحاكمة الفعلية لفرنسا انذاك و التي كانت تعتقد هي و اتباعها ان هذا الحضور الكثيف للهوغونوت في المدينة هو للقيام بأنقلاب ، اثارت محاولة الاغتيال غضب و سخط الهوغونوت و قد تعالت اصوات عدد منهم في البلاط للمطالبة بأن تأخذ العدالة مجراها و يعاقب منفذي محاولة الاغتيال كما ان شقيق الادميرال كوليكني حضر و عسكر مع اربعة الاف جندي بالقرب من باريس و هو مما زاد من مخاوف الكاثوليك من ان الهوغونت يحضرون لعمل ما من اجل الانتقام.
في مساء يوم 23 اب (اغسطس) ذهبت كاثرين لرؤية ابنها الملك و قد تناقش الاثنان حول الاوضاع المتأزمة في المدينة و في تلك الليلة اتخذ القرار بتصفية قادة الهوغونوت الذين كان اغلبهم ضيوفا على الملك في قصر اللوفر ، فرغم انتهاء مراسم العرس الملكي الا ان الكثير من قادة الهوغونوت لم يغادروا باريس و ذلك لغرض مناقشة بعض الامور حول معاهدة السلام مع الحكومة الفرنسية و يقال ان الملك صرخ في تلك الليلة قائلا "طيب ، اقتلوهم .. لكن اقتلوهم جميعا ! لا تبقوا على شخص واحد منهم على قيد الحياة لكي يلومني" .
ليلة الرعب
في اليوم التالي بدأ التحضير للمجزرة ، تم محاصرة المدينة من جميع الجهات و اغلقت جميع ابوابها ، تم توزيع السلاح على الاهالي من اجل ضمان القضاء على اي محاولة للمقاومة ، و اخذ فوج حماية الملك السويسري على عاتقه مهمة تصفية قادة و شخصيات الهوغونت المتنفذين ، اصبح كل شيء مهيئا للمجزرة و كانت العلامة بين الكاثوليك هي وشاح ابيض يعقد على الذراع اليسرى لكي يعرفوا بعضهم في الظلام و صار الجميع بأنتظار ساعة الصفر للقيام بأحدى ابشع المجازر التي عرفها التاريخ.
المؤرخون يختلفون حول التوقيت الدقيق لبدء المجزرة و لكن اكثر الاراء ترجيحا هي ان اشارة البدء كانت قرع اجراس القصر في ساعة ما بين منتصف اليل و طلوع الفجر لليلة 24 اب (اغسطس) عام 1572 ، كان فوج حماية الملك قد قام بقتل الادميرال كوليكني حيث سحب من فراشه و قتل و القيت جثته من النافذة حيث تلقفتها جموع الناس و قطعوها اربا و ارسل رأسه الى البابا في روما و هوجم بقية قادة الهوغونوت الضيوف في قصر اللوفر و تم قتلهم في الشوارع.
في هذه الاثناء كانت حالة من الهيستريا الجماعية المجنونة بدأت تجتاح المدينة ، بدأ الناس يقفلون اطراف الشوارع بالسلاسل الحديدية لكي لا يهرب الهوغونت ثم تمت مهاجمة منازلهم و محالهم ، قاموا بقتل الرجال و اغتصاب النساء و قتلهن ، لم يرحموا حتى الاطفال و قطعوهم اربا اربا ، امتلئت شوارع باريس بالجثث و فاضت الانهر بأشلاء القتلى حتى ان المؤرخين يذكرون ان الناس امتنعت عن اكل السمك لأشهر لأن احشائها كانت مليئة ببقايا الجثث البشرية.
و رغم ان البلاط امر في اليوم التالي اي يوم 25 اب (اغسطس) بوقف المجزرة الا ان رعاع باريس و اوباشها لم يتوقفوا عن قتل و ذبح الهوغونوت و استمرت المذبحة لأيام و اسابيع اخرى و امتدت لتشمل العديد من المدن الفرنسية الاخرى ، يقول المؤرخون انه في فترة الرعب تلك سقط بين 20000 و 100000 قتيل في واحدة من ابشع المجازر الدموية في التاريخ و التي ترفض الكنيسة الكاثوليكية الاعتذار عنها حتى اليوم